كاتبة من قرية “الشريحي” توثق أحداث ”تموز الأسود” في كتاب جديد!!
قرابة خمسين ساعة من التسجيلات الصوتية التي تحتوي على شهادات من أهالي قرية الشريحي في الريف الشرقي لمحافظة #السويداء، حولتها الكاتبة “سهيلة صعب” المنحدرة من القرية ذاتها إلى كتاب يحفظ ذاكرة القرية مع اليوم الأسود الذي عاشته اثر هجوم عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية “داع ش” عليها عام ٢٠١٨.
تقول الكاتبة في حديثها مع #الراصد إنها توخت الدقة في نقل الشهادات وكان العمل توثيقي في حين استخدمت اللغة الأدبية في الحالات التي يسمح بها النص دون التأثير على التوثيق، الكاتبة المقيمة في إيطاليا تقول انها استيقظت صباح يوم الهجوم وبدأت تقرأ الأخبار عبر موقع فيس بوك لتتفاجئ باسم قريتها وقد انتشر بسرعة على إنها احدى القرى التي تعرضت للهجوم، وفي خضم قراءتها للأخبار كان أول شهيد قد قرأت اسمه هو عمها “صياح صعب” الأقرب إلى قلبها، والتي قالت أنها تدين له بأشياء جميلة كثيرة في حياتها.
“صعب” عادت في زيارة إلى السويداء التقت بالأهالي وسمعت الحكايات، أدهشتها التفاصيل أثناء روي الحكايات، تقول “صعب”، كان لافتاً ذكر التفاصيل عند رويهم للحكاية، فأحدهم عندما وصف الجثة أضاف “كان فوق راسو قداحة صفرا” أخرى كانت تتحدث عن جثة أمها فماكان منها إلا أن ذكرت سرب نمل يسير في الجوار، اعتبرت “صعب” هذه التفاصيل هي اكتمال الصورة في ذاكرة الراوي، فحاولت أن توظفه كما هو..
أبطالها ليسوا المقاتلين فحسب، تقول “صعب” الحكايات الوجدانية، توسلات المحاصرين ودعائهم، هي الحالات الأكثر وضوحاً في الكتاب، الذي قال أحد كتاب المحافظة عنه “خلو معكم محارم بس تبلشو تقرو، رح تبكو كثير” تتحدث “صعب” عن قريتها بشغف ووجدان كبيرين، وتعتبر أن تقصيراً كبيراً في التوثيق طالها، سيما أن التجارب التي عاشتها فظيعة، لافتة إلى أنها حتى أثناء الهجوم كانت الأقل حظاً في وصول “الفزعات” بوقت مبكر، فالقرية واقعة بين قريتي رامي والشبكي والقريتين هاتين كذلك تعرضتا لهجوم ما دفع جميع القادمين للمساعدة للتوقف في إحدى هاتين القريتين قبل الوصول ل الشريحي…
تؤكد كذلك “صعب” أن لا غايات ربحية شخصية من مبيعات الكتاب، فريع النسخة الورقية “التي تكفلت بجزء من تكاليفها” وريع المبيعات عبر موقع امازون ستعود جميعها لأطفال القرية “حتى لو اجت متأخرة، وكان لازم من قبل” تقول “صعب”
حكايات “صعب” هي حكايات “الشريحي” التي قاومت ونزفت، وتوثيقها هو وفاء ابنة القرية لأهلها واحبتها الذين عاجلهم الموت، جاءت الفكرة لها عندما سمعت التفاصيل في الحكايات، وعندما شعرت بوجع أصحاب هذه الحكايات..
وهنا مقتطف صغير من أحد نصوصها، ربما يوحي لنا بالوجع الذي يحمله كتابها “قربان قطرة الماء”
(رنّ هاتفي المحمول، بتّ أخشى هذا الجهاز اللعين، صرت أستعيذ بالله من شيطان أخبار هذا المحمول الغبي، يا الله! من المتصل؟ أخرجته من جيبي واستقرّ اسم خالد أخي الكبير على حدقة عيني، خيّل لي أن اسمه يرتجف في عيني، يوسّع الحدقة ليستقر في سوادها أجبته بسرعة: ” أخي!”
ردّ هامساً: “أين أنت؟ “
إنه يهمس، يبدو أنه ليس بخير، عرفت ذلك.
قلت له: “أنا في قرية رامي وسأحاول الدخول إلى الشريحي.”
فتكشّف صوته الهامس عن نبرة التضرّع والتوسل وهو يقول لي: “أينما كنت أرجوك انتبه لنفسك.”
كان يهمس وصوته يغوص في حدقة عيني أكثر.
تابع بعد برهة صمت، وكأنما أراد أن يتأكد أنني وحدي الذي أسمعه كأنه يستغفل ملاك الموت الذي يحوم حولي ويسترق السمع:
” بيّك وإمك راحوا، خيك واصف راح، نكون بواحد ما نصرش بثنين! أرجوك انتبه وابق على قيد الحياة أرجوك”
تجمّدت في مكاني، كل شعرة في جسدي صارت مسلّة تنخزني.
لو أنني اتصلت بأمي لكانت بكت قبل أن تقول: ” يا هلا يا إمي! “
لو كلّمت أبي لكان قال لي: “كفى الله شرّك!” ولكنّ الشر سبقني ولم يكفّ ولن يكفّ عنا في الوقت القريب أقلّه.
لو أنني اتصلت بواصف أخي وضحكت على ال ألوووووووو المفخّمة التي تحمل نزقه، والتي اعتدناها وكأنها شيفرة بأننا أزعجناه في وقت غير مناسب)
رابط المبيعات على موقع أمازون في التعليقات