
الراصد – غيداء الصفدي
تحولت قرية #قراصة، الواقعة في الريف الغربي لمحافظة السويداء والتي يقطنها نحو ألف نسمة، إلى منطقة شبه خالية من سكانها بعدما تعرضت لهجوم مسلح واسع منتصف تموز، عندما اجتاحتها قوات الأمن العام والجيش التابع للحكومة المؤقتة، وخلّف قتلى وجرحى ودماراً كبيراً في الممتلكات.
يقول رفعت نصر، أحد أبناء القرية الناجين، في شهادته لـ #الراصد: “بدأت الأحداث فجر يوم الاثنين 14 تموز، عندما تعرّضت القرية لهجوم مباغت استخدمت فيه الأسلحة الفردية والمتوسطة والثقيلة، إضافة إلى قذائف الهاون والصواريخ. واستمرت الاشتباكات لساعات طويلة حاول خلالها الأهالي الدفاع عن القرية بإمكاناتهم المحدودة، قبل أن تتم السيطرة عليها في ساعات المساء”.
وفي 18 تموز، شهدت القرية هجوماً ثانياً شاركت فيه مجموعات مسلّحة من محيط المنطقة، وأسفر – وفق شهادة نصر – عن استشهاد عدد من أبناء القرية، بينهم: رعد يامن نصر، سامر شيا، نزيه أبو عاصي، حاتم وحازم وجيه أبو عاصي، ونجيب أبو عاصي.
كما أُصيب مهند شيا وعناد شيا إصابات بالغة، إضافة إلى إصابات طفيفة أخرى، فيما بقي وليد شيا في عداد المفقودين.
كما أسفر الهجومان عن دمارٍ كبيرٍ في البنية السكنية للقرية، حيث تعرضت معظم المنازل البالغ عددها نحو 220 منزلاً للسرقة أو التخريب. كما طالت الأضرار 15 محلاً تجارياً ومنشأتين صناعيتين، إضافة إلى خمسة آبار ارتوازية وقرابة مئة بئر مياه سطحية إضافة للخزانات.
ووفق شهادة نصر، شملت عمليات السلب مئات رؤوس الماشية، بينها نحو 50 رأس بقر وأكثر من 300 رأس من الأغنام والماعز، فضلاً عن عشرات السيارات والآليات الزراعية والجرارات والدراجات، وأكثر من مئة عزاقة.
كما تضررت المشاريع الزراعية المحيطة بالقرية، حيث أُتلفت محاصيل كاملة وقُطعت أعداد من أشجار الزيتون والفواكه واللوزيات.
ويؤكد نصر أن الهجومين دفعا سكان القرية كافة إلى النزوح، لتصبح قراصة خالية من أهلها للمرة الأولى منذ تأسيسها.
تُعدّ قرية قراصة التي تم حرقها خلال الهجمات، متحفاً أثرياً مفتوحاً يكشف عن استيطان بشري متواصل يمتد لأكثر من 11 ألف عام، من مرحلة النيوليت حتى العصر البرونزي المتأخر. وأظهرت التنقيبات وجود بيوت دائرية وأكواخ نطوفية ومنشآت معمارية متقدمة، إضافة إلى جرار وأوانٍ فخارية وسور لمدينة تعود للبرونز القديم. كما تشير المكتشفات إلى أن سكان المنطقة كانوا متحضّرين، ومارسوا الزراعة وتدجين الحيوانات، وساهموا في بناء أولى مظاهر الحياة الحضرية. كما وثّقت الدراسات مئات المساكن المعزولة من عصر الحديد، ما يؤكد غنى قراصة وتنوع طبقاتها التاريخية.



