
الراصد – غيداء الصفدي
في أقصى ريف السويداء الشمالي الغربي، كانت قرية #وقم الصغيرة؛ شاهدة على واحدة من أكثر موجات العنف قسوة وترويعاً، حيث تحولت القرية خلال أقل من أسبوع، إلى رماد.
القرية التي بقي من أهلها حوالي 150 نسمة حتى تاريخ 14 تموز الماضي، عانت من سلسلة هجمات وحشية ارها.بية؛ بدأت في 14 تموز عند دخول قوات الحكومة الانتقالية وبلغت ذروتها فجر 19 منه، مخلفة دماراً شاملاً ونزوحاً تاماً.
الهجوم بدأ تدريجياً، وفق رواية أحد الشبان المدنيين الذي بقي مع مجموعة صغيرة للدفاع عن أهله. يقول في شهادته لـ #الراصد: إن المحاولات الأولى للاقتحام جاءت من جهة قرية البستان التي يقطنها العشائر، وتمكن عدد قليل من الشبان من التصدي لها رغم قلة العدد والعتاد. لكن في ليلة 19 تموز، تغيّر المشهد بالكامل حين انهالت القذائف على القرية لأكثر من خمس ساعات متواصلة، قبل أن تبدأ موجات من المهاجمين بالزحف على الأرض، بعضهم يرتدي زياً مشابهاً لعناصر الأمن.
وأضاف؛ مع حلول الظهر، وبعد نفاد الذخيرة، اضطر المدافعون، -وكانوا لا يتجاوزون العشرين-، إلى الانسحاب نحو قرية الخرسا المجاورة.
دفعوا ثمناً باهظاً.
أحصي حتى اللحظة، استشهاد أربعة من أبناء القرية؛ ارتقوا في المواجهة، فيما سبقهم بيوم واحد شاب خامس في مدينة السويداء. أما من تبقى، فتركوا خلفهم بيوتاً لم يجدوا لها أثراً حين عادوا إليها.
يصف المقاتل في المقاومة الشعبية لـ #الرصد لحظة تسلله للقرية لمعاينة واقعها بالكابوس: “كل شيء كان محروقاً أو مدمّراً، أكثر من 70 منزلاً سُوي بالأرض، وشبكات الكهرباء والمياه دُمرت، وحتى الآبار وخزانات المياه لم تنجُ من التخريب. الخوف من تسميم المياه دفع الناجين لعدم استخدامها، بينما أصبحت العودة إلى البيوت أمراً مستحيلاً، إذ لم يبقَ فيها مأوى ولا أمان.
المأساة لم تقف عند هذا الحد. فلا يزال مصير بعض من فُقدوا خلال المعركة مجهولاً، بينهم الشيخ أبو معروف برجس عويدات، فيما نُقل ابنه إلى أحد المشافي دون معلومات مؤكدة عن حالته أو مصير والده. ومما يزيد من فداحة الكارثة، أن عمليات السرقة والتخريب مستمرة، في مشهد يؤكد أن الاعتداء لم يكن عارضاً، بل حملة ممنهجة لإفراغ القرية وسحق كل أثر لها.
وقم لم تكن جبهة ولا معقلاً عسكرياً، بل بلدة صغيرة اختنقت في العتمة وسط تجاهل تام، لكن شهادات أبنائها تبقى شاهدة على جريمة أكبر من أن تُطمس بالصمت أو الركام.