في عيد الأم “أمي، حصاد القمح والنضال”!!

يقول يزن أبو هدير، مُستنداً إلى جدار المنزل الذي شاركت أمه في بنائه برفقة والده: “هذه الحجارة تحمل بصمات أصابعها وعرق جبينها”. وينظر إلى السور المحيط بالمنزل: “وذاك السور بني بعطفها وحنانها وتضحياتها”.
ولدت مَثيلة عبود في قرية #سليم ضمن بيئة ريفية عام 1962؛ ترعرعت ونشأت بين حقول القمح، وحملت حزم السنابل على متنها قبل أن تحمل حقيبة المدرسة. كانت حياتها منذ الطفولة مليئة بالتحديات، والتي كانت سبباً في صقل شخصيتها.
لم تسمح الظروف لعبود أن تكمل تعليمها، حيث وصلت للصف السادس فقط. لتكمل مسيرتها بالمشاركة في شؤون الحياة اليومية.
“في العام 1983، حصلت على وظيفة في المشفى الوطني بمدينة السويداء، كل من عرفها أثناء خدمتها؛ يحترمها وأنا فخور بذلك” يقول يزن. ويردف؛ لم تتذمر يوماً من طبيعة عملها القاسية والمجهدة كانت دائما تعلمني أن أعمل كالنحل وتردد: (قطرات صغيرة تصنع العسل).
تزوجت مثيلة من يوسف أبو هدير، الذي كان يعمل في سلك الشرطة ويتحمل مسؤوليات وأعباء كبيرة، ليس فقط في عمله بل أيضاً كونه الأكبر بين أخوته السبعة، بالإضافة لكونه أب لطفلين من زواج سابق، ما جعل مسؤولياته مضاعفة. وعلى الرغم من ذلك شاركته مثيلة تلك الأعباء. يقول يزن: “أمي قبلت بالزواج من رجل لديه أطفال ويحمل أعباء كبيرة، لكنها لطالما كانت تؤمن بأن القلوب تُبنى مثل المنازل لَبنة لَبنة”.
بعد عام من الزواج، أنجبت مثيلة طفلة تعاني من متلازمة داون، لكنها آمنت بأن هذه الفتاة نعمة. “كانت تُعلّم أختي الكلام. وتعلمنا أن الفرح لا يُورث بل يُصنع” يقول يزن. في بداية تسعينيات القرن الماضي باعت أمي مصاغها الذهبي كي تساعد أبي وتعينه لبناء بيتنا في القرية بعد أن قررا العودة من المدينة، حملا الحجارة معا، وعندما حاول والدي منعها من بيع مصاغها قالت له؛ إن الذهب لن يجلب السعادة إن لم يفتدي أصحابه.
مع زوجها تحدت السيدة مثيلة الحياة، كانت شريكة حياة مثالية؛ عملت كعاملة تنظيف في الأماكن العامة والخاصة بالإضافة لوظيفتها في المشفى الوطني لتوفير دخل إضافي يساعد على تلبية احتياجات الأسرة وتخفيف وطأة الحياة، ويفخر أبناءها بأمهم كثيرا -كما يقول يزن.
ولم تقتصر معارك مثيلة في الحياة على النضال لبناء أسرتها الصغيرة فحسب. بل امتدت إلى حلبة النضال السياسي والاجتماعي. وكانت من المشاركات البارزات في انتفاضة السويداء ضد نظام الاستبداد، ولا تزال تشارك بحلمها في الوصول لوطن يضمن كرامة مواطنيه.
توصف من قبل كل من عرفها بصاحبة الوجه الهادئ والمريح، والمناضلة التي نادت بوطن العدالة. يقول يزن: “لقد علمتني أمي أن القوة ليست في القبضة، بل في القلب الذي لا ينكسر. هي لم تنجبني فقط! بل أشعلت ثورة صغيرة في قلب وعقل كل من عرفها”.