اخباررأي

المرأة بين مطرقة التمييز في القانون وسندان الصورة النمطية.

تواجه المرأة في مجتمعاتنا العربية تحديات جسام تقيّد حريتها وتحد من قدرتها على تحقيق ذاتها. فبدلاً من أن تكون شريكة في بناء المجتمع، ينظر إليها ككائن أضعف وأقل شأنًا، وتُفرض عليها قيود اجتماعية وثقافية تقيّد حركتها وتفكيرها، ولكن ماهي أبرز الأسباب؟

باختصار، تبدأ معاناة المرأة منذ الصغر، حيث تُربى على أن تكون مطيعة وممتثلة، وأن دورها الأساسي هو خدمة الرجل والأسرة. تُحمَّل مسؤوليات منزلية كثيرة، وتُحرم من فرص كثيرة تساهم في تطويرها واستقلالها الذاتي كالذكور. وعندما تكبر، تزداد هذه القيود، فالمجتمع بأغلبيته لا يراها أكثر من آلة للإنجاب، و “بيبي سيتر” للعناية بالأولاد، و مدبرة منزل.

وغالبا ما تكون القوانين والأنظمة في البلدان المتأخرة، هي أحد أكثر الأسباب خطراً من ناحية تنميط المرأة، فمثلاً من الناحية القانونية؛ نص الدستور السوري نظرياً على المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق والواجبات، كما تضمنت القوانين المدنية أحكاماً تؤكد أهلية المرأة القانونية الكاملة وحقها في العمل والتملك والتصرف في أموالها. ورغم هذه النصوص القانونية التي تبدو متقدمة، إلا أن الواقع المعاش يختلف كثيراً. فهنالك العديد من الثغرات في تطبيق القانون والدستور، تحول دون تمتع المرأة بحقوقها كاملة. فالقوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية، على سبيل المثال، لا تزال تحتوي على بعض البنود التي تميز ضد المرأة وتمنح الرجل حقوقاً أكبر في مسائل مثل الحضانة والطلاق والميراث، وغير ذلك.

كما أنه لا يقتصر الأمر على التمييز في القوانين، بل يتعداه إلى جميع جوانب الحياة. فالمرأة تواجه تمييزاً في سوق العمل، حيث تحصل على رواتب أقل من الرجال رغم تأدية نفس العمل، كما أنها تتعرض للتحرش والعنف، وتُلام على مظهرها وسلوكها.

وهنا الخلاصة تقول؛ إن التربية هي يالأساس، حيث تلعب دوراً أساسياً حاسماً في ترسيخ صورة نمطية خاطئة عن المرأة. فالأطفال يشبون على رؤية الأم تقوم بجميع الأعمال داخل المنزل ولا يسمح لها بالعمل خارجه، بينما يكون العمل في الخارج حكراً على الأب أما داخل المنزل يجلس كملك (غالبا) يأمر وينهي. وهكذا يتعلمون أن دور المرأة هو الخدمة، وأن دور الرجل هو القيادة. و هذه الصورة ليست عادلة ولا منطقية. فالمرأة كائن بشري كامل ويجب أن تحضى بنفس الحقوق والواجبات التي يتمتع بها الرجل. وهي قادرة على تحقيق إنجازات كبيرة في جميع المجالات، شريطة أن تُمنح الفرصة المناسبة.

ولكن كيف نصل إلى مجتمع أكثر عدالة ومساواة؟
لكي نصل إلى المجتمع المنشود يجب أن نبدأ بتغيير المفاهيم الخاطئة عن المرأة. كأن نربي أطفالنا على احترام المرأة وتقدير دورها في المجتمع، والعمل على الضغط لتشريع قوانين تحمي حقوقها بجدية وتمنع التمييز ضدها. كما يجب أن نمكنها ونشجعها على المطالبة بحقوقها والتعبير عن رأيها بحرية. لأن تحرير المرأة ليس مجرد مطلب نسوي، بل هو ضرورة وطنية واجتماعية. فالمرأة تمثل نصف المجتمع، وإذا ما تمكنت من تحقيق كامل إمكاناتها، فإنها ستساهم بشكل كبير في تقدم وتطور المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى