في الذكرى السنوية لزيارة حجرته، من هو الشيخ "ابراهيم الهجري"؟!
يصادف يوم الخميس ٢٩ آب، الذكرى السنوية لزيارة حجرة الشيخ “أبو حسين إبراهيم الهجري” في بلدة قنوات، شمال شرق مدينة السويداء. حيث تشهد البلدة منذ الصباح وصول وفود من داخل سوريا وخارجها، تكريماً لرجل وطني عرف بالحكمة والتقوى والبسالة.
ولد الشيخ المجاهد “أبو حسين إبراهيم محمود سلمان الهجري” في أوائل القرن التاسع عشر عام 1804، في قرية الأشرفية بريف دمشق. وشغف بالعلم والمعرفة منذ نعومة أظفاره.
انتقل إلى محافظة السويداء التي اشتهرت سابقا بـ “جبل حوران”، ليحط رحاله في بلدة قنوات، والذي كان له الفضل بتحويلها لمقصد للزوار، حيث كان الراغبون بعلوم الدين من قرى الجبل يقصدونها للاستماع لدروس الشيخ والاستقاء من معارفه، ولتصبح البلدة فيما بعد عاصمة دينية لطائفة الموحدين.
دور قيادي ومجتمعي
شغل الشيخ “إبراهيم الهجري” وهو في الثلاثينيات من عمره، دوراً قيادياً في المجتمع إبان الحكم العثماني للبلاد، بفضل علمه وأخلاقه وسياسته الحكيمة. وكان له الدور الأبرز في بناء “المجالس الدينية” في مناطق المحافظة والتي كان لها دوراً توعوياً في نشر ثقافة مقارعة الاستبداد والمحتلين.
وإبان حملات “إبراهيم باشا المصري المملوكي” على الجبل، واجه أهالي السويداء الحملات بشراسة، وكان من الشيخ الهجري من القادة المدافعين عن الأرض، ودار بينهم وبين قوات “إبراهيم المصري” معارك ضارية، استمرت نحو تسعة أشهر وجرى خلالها نحو 70 معركة انتصر أهالي الجبل بمعظمها وبآخر معركة فيها وخسر بها جيش المصري عدداً كبيراً من الجنود، فيما خسرت المحافظة حينها نحو 300 رجل.
لم يقتصر دور الشيخ القيادي في المنحى العسكري حينها بل تعداه ليكون قاضياً عشائرياً بين الناس وجد به المظلومين ملاذاً، حيث كان نصير للضعيف في زمن الإقطاع، وكان لا يخشىى في الحق لومة لائم.
كما كان للشيخ دور كبير في الحث على طلب العلم فقط، مؤكداً على أهميته، ويذكر أن له عدد من المؤلفات توجد في دار الطائفة بلبنان ومجدل شمس في الجولان المحتل، وقد ترك بصمة واضحة في حياة الكثيرين، واستمر تأثيره في الأجيال اللاحقة، حيث يُذكر كقدوة في السعي وراء المعرفة والإخلاص في العمل والدفاع عن الأرض والعرض ونصرة المظلومين.
في العام 1840 م، رحل الشيخ إلى جوار ربه، وهو في عمر 36 عاماً، تاركاً وراءه إرثاً من الحكمة والإيمان، ومؤسساً لإرث عظيم في التقوى والعلم والدفاع عن الأرض والعرض، ليخلفه فيما بعد أبناءه، والذين كان من أبرزهم في العهد العثماني الشيخ أحمد الهجري الأول الذي أكمل مشوار جده في مقارعة الاحتلال العثماني في أواخر عهد السلطنة، ثم نصرته للثائرين ضد المستعمر الفرنسي.