فضيحة على مستوى الأرقام تكشفها تصريحات مسؤولي المحروقات؟!.
حاول #الراصد على مدى ثلاثة أيام مقارنة الأرقام الصادرة عن شركة محروقات، والأرقام المتداولة التي ذكرها مسؤول محلي، والأرقام التي وصلت إلى الراصد من مصدر مستقل، لنكتشف أن الكميات التي أعلن أنها موزعة تفوق الكميات الواردة من دمشق بكثير فمن أين جاء هذا التناقض.
مدارس وأفران ونقل وبيوت ومياه واتصالات، الكل يطلب مادة الحياة، والكل ينتظر، فيما يقبع الفاسدون في العتمة يعطون طلباً هنا، ونصف طلب هناك، بينما تنعم محطات بعينها بحصة الأسد.
ولا يختلف اثنان في محافظة السويداء على أن كميات المازوت القادمة يباع الجزء الأكبر منها على الطرقات والبسطات وفي الأكشاك والمحال التي فتحت لهذه الغاية عقب أول موجة برد، حيث يباع الليتر اليوم بثلاثة عشر ألف ليرة، مع توقع ارتفاعه في قادمات الأيام.
والشيء المتوقع دائماً عقب كل تغيير، وذهاب مدير وقدوم مدير لشركة المحروقات، أن دائرة الفساد تبقى الحاكم الناهي في مخصصات أبناء المحافظة، في الوقت الذي يعاني فيه جميع أبناء المحافظة من البرد، فالمنظومة باقية وتتمدد.
صحيفة الوطن شبه الرسمية ذكرت في تقريرها يوم الأربعاء 29 تشرين الثاني الحالي، أن نسبة توزيع مازوت التدفئة لم تتجاوز 47% للخمسين لتر الأولى، ما يعني أن باقي العوائل لن تستلم حصتها التي لا تكفي مدة 15 يوم، قبل بداية العام الجديد، في حين لم تستلم مديرية التربية سوى 21% من مخصصاتها ما يعني أن معظم المدارس لم تحصل على مخصصاتها حتى الآن أو حصلت على جزء يفي بتدفئة التلاميذ لبعض الوقت إن تم تشغيل المدافئ في الصفوف.
كما ذكرت في تقريرها أن عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع المحروقات في المحافظة “سمير الملحم” أكد أن عدد الطلبات كاملة وصل إلى 13،678 بطاقة أسرية تم تنفيذ 65،507 طلب بطاقة أسرية فقط حتى تاريخه، في حين لا يزال 67،532 طلباً لبطاقة أسرية قيد الانتظار. وأشار إلى أنه ضمن المخصصات الحالية للمحافظة لن يتم الانتهاء من توزيع الدفعة الأولى حتى انتهاء فصل الشتاء.
من يقرأ هذه الأرقام ويحاول تصديقها يجد بحسابات بسيطة أنه لا تمثل أي معادلة حساب “جمع أو طرح” صحيحة، وذُكرت من قبل القائمين والصحيفة السورية فقط لتوثيق ما لن يُوثق.
فكيف تم توزيع 65،507 طلب أُسري وبقي 67،532 وجميعهم من أصل 13،678 طلب أسري عبر البطاقة الذكية “لنعتبر أن هناك أخطاء طباعية خدعت المسؤول عند قراءة الأرقام” فهل نصدق أن في المحافظة 133،039 “مجموع البطاقات الاسرية” المستفيدة من البطاقة الذكية. بمعنى أذا كانت كل بطاقة أسرية تتضمن 4 أشخاص وسطياً، فهل نصدق أن 532،000 مواطن يستفيد من البطاقة في السويداء؟ ألم يُلغى مفعولها لجميع التجار ومعظم أصحاب السيارات والاطباء والمهندسين وأصحاب الفعاليات والمغتربين وغيرهم؟.
بمتابعة لنشرة توزيع المحروقات نجد أن صهاريح التدفئة المنزلية الموزعة على محطات الوقود منذ بداية هذا الموسم لم تتجاوز 205 صهاريج ما يعادل 2،350،000 ليتر في حين وزعت شركة المحروقات كما ادعت 65،507 بطاقة أسرية ما يعادل 3،275،000 ليتر، فمن أين (استقرضت) الشركة كمية تزيد عن مليون ليتر مازوت لأجل التدفئة؟ وكيف سيتم تسديدها؟.
من هنا يتضح أن فوضى الأرقام والتصريحات سببها الوحيد أن القصة “لاحارس ولا بواب” فهناك طلبات تصل ولا يتم الإعلان عنها، ثم يتم فضحها من خلال اتضاح الأرقام في تصريحات المسؤولين.
الإجابة عن هذه الأسئلة صعبة ولكن قد نجدها بقراءة بسيطة لجداول توزيع المحروقات، حيث نجد محطات توزيع محددة تأخذ الحصة الأكبر من المخصصات مثل محطة محروقات السويداء التي يصلها شهرياً حوالي 80 طلب “صهريج” مازوت ما يقارب مليون ليتر وتديرها الشركة. ومؤسسة المياه التي يصلها شهرياً حوالي 40 طلباً ما يقارب نصف مليون ليتر، وكذلك عدة محطات بعينها معروفة، ويمكن للذين يحبون الإحصاء متابعة الجداول اليومية لمعرفة أصحابها.
ويبقى السؤال المحير لدى أبناء المحافظة حول المدعو “أسامة مبارك” الذي يملك خمس محطات وقود بعقود استثمار أو اتفاقات خاصة ويحصل شهرياً على أكثر من 30 طلب مازوت أي حوالي 360،000 ليتر تحت عنوان “مدعوم” وتذهب هذه الكمية التي تزيد قيمتها في الأسواق الحرة عن 3 مليار ليرة، دون وجود أي رقابة.
وكانت شبكة #الراصد قد بينت في تقرير سابق لها الحجم الهائل لسرقات الوقود بالمحافظة وشبكة العلاقات التي تبدأ من دمشق مروراً بمجلس المحافظة ولجنة المحروقات، وصولاً لأصحاب بعض المحطات وإدارات المؤسسات العامة برعاية وحماية من فرع حزب البعث وجهات أمنية وأعضاء من مجلس الشعب.
اليوم؛ وبعد مرور أكثر من مئة يوم على حراك السويداء هل فكرت بمخاطبة هذه البؤر من الفساد بطريقة سلمية؟ وهل تعتقد أن تكنيس الدرج قد يصح من الأسفل إلى الأعلى؟.