تقارير

دور الإعلام الموجه في صناعة الكراهية ضد حراك السويداء!!

ليس بعيداً عن المتابع للحدث السوري، الدور الذي يلعبه الإعلام بمختلف توجهاته في التأثير على الأحداث عبر توجيه الجمهور إلى فهم مغلوط، أو مجتزأ، أو منحاز بشكل ممنهج، ولعل أحدث الأمثلة في هذا السياق هو تعامل الإعلام الرسمي و”الرديف له” مع الحراك الشعبي في السويداء، بل والتحول إلى وسيلة من وسائل مواجهة الحراك بعدما أظهر حالة من الارتباك نتيجة عجز السلطات عن التعامل مع هذا الحراك وإبداء شكل من التجاهل وعدم الاهتمام أول الأمر، قبل أن ترسم الجهات المتحكمة بالإعلام دوره في شيطنة الحراك، فكيف اشتغل على ذلك؟.

اعتمد الإعلام الرسمي و”المؤيد” على بث خطاب من الكراهية والتحريض على الحراك الشعبي في السويداء عبر محورين أساسيين أولهما؛ البيئة الشعبية داخل محافظة السويداء والثاني؛ ضمن المجتمع السوري وخاصة في مناطق سيطرة القوات الحكومية.

وفي المحور الأول سخّر أكثر من برنامج تلفزيوني وإذاعي سياسي لإظهار الرأي الآخر المخالف والمعادي للحراك الشعبي من خلال استضافة أعداد من الشخصيات المعروفة بتطرفها في الدفاع عن السلطة وخياراتها، كما تم التركيز على الآراء والمواقف والبيانات الصادرة من داخل المحافظة التي تشيد بشكل أو بآخر بالنظام الحاكم وتلقي المسؤولية على الواقع الاقتصادي المتردي الناتج عن آثار الحرب والحصار والاحتلال مروراً ببعض المشاكل والأخطاء التي تقع على عاتق الحكومة، وفي الوقت نفسه تكيل للحراك الشعبي التهم بجر أبناء المحافظة إلى الفوضى والعنف وحتى القتل كما ذكر العديد من ضيوفه.

وبالتزامن مع هذا الخطاب سعت الأجهزة الأمنية إلى تعطيل عمل بعض المؤسسات الخدمية مثل قصر العدل ومكتب الشؤون الخارجية ومديرية النقل واتهام الحراك الشعبي بتعطيلها من أجل خلق حالة من التذمر والعداء الشعبي تجاه حركة الشارع المنتفض وبالتالي تغذية الفرقة والعداء ضمن البيئة الشعبية الحاضنة لهذه الانتفاضة، وإنتاج خطاب عدائي وتحريضي تجاه مجتمع الانتفاضة، تمثل في عدة ممارسات يومية ظهرت على أشكال من التذمر وبتعطيل الأعمال وبجر المحافظة لأعمال عنف وعقاب جماعي.

في المقلب الآخر ونتيجة سعي السلطات لمنع تمدد الحراك إلى باقي المدن السورية، اشتغل الإعلام على تخوين الانتفاضة ونعتها بالعمالة لأمريكا والكيان الإسرا*ئيلي، وأفرد العديد من برامجه الإعلامية للربط بين الحراك الشعبي في السويداء وأبناء الطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة معتمدا في هذا النهج على مواقف إنسانية سابقة قامت بها جماعات من الطائفة بإرسال مساعدات عينية لأبناء المحافظة، وكانت أجهزة النظام الأمنية وأذرعها حينها تشكل الوسيط والسمسار الرابح الأكبر من هذه المساعدات.

ومن خلالها وجد الإعلام ومَن خلفه التهمة جاهزة بالتبعية والخيانة والتعامل مع دولة معادية مقابل المال السياسي ولغايات تنفيذ أجندة معادية تهدف إلى استجرار العدو والسعي لإنشاء كيان طائفي مستقل على غرار الإدارة الذاتية أو الدويلة الدرزية،

هذه التهمة المكررة للشعب السوري منذ بداية المظاهرات والاحتجاجات المطالبة بالتغيير السياسي في العام 2011، وجدت طريقها لشرائح ومكونات واسعة من المجتمع السوري، وانعكست على شكل مشاعر ومواقف معادية بشكل أو بآخر لانتفاضة الأهالي في السويداء، وتُرجمت هذه المشاعر على شكل خطاب موجه تلقاه العديد من أبناء المحافظة وخاصة الطلاب/ات في الجامعات السورية.

وبشكل غير مباشر أثار الإعلام الرسمي حفيظة فئة من الشعب السوري تجاه مجتمع السويداء بصفته أكثرية “درزية” من خلال إظهار حالة من اللين والتجاهل لهذه الانتفاضة وعدم التعامل معها بأساليب العنف والتي اتبعها مع الأكثرية السنية على امتداد الأرض السورية، مبدياً في هذا التعامل التمييز بين مكونات الشعب السوري، ليخلق الإعلام بطرق غير مباشرة الأسئلة المشروعة لدى الجمهور السوري حول هذا التمييز والخلفية من التعامل بازدواجية مع مكونات الشعب السوري.

وبالمجمل لعب الإعلام الرسمي السوري والإعلام الموازي دوراً فاعلاً في حصار الحراك الشعبي ومنع تمدده خارج حدود المحافظة معتمداً على ركائز يلعب خطاب الكراهية دوراً محورياً فيها، تراوحت بين الترهيب والتخويف والتخوين وألقت هذه بثقلها على المجتمع السوري المنهك اقتصادياً ومعنوياً بعد حرب طويلة، فأنتج خطاب سوري مُعلن لا يرتقي للمواطنة وينكفئ في الانتماءات الإثنية والطائفية والدينية، وبالتالي خطاب معادي وتحريضي يدعو للكراهية، وخطاب آخر غير مُعلن يتخذ من الحياد والمراقبة موقفاً بانتظار ما تؤول إليه نتائج الحراك الشعبي والأحداث الدولية وانعكاساتها على الواقع السوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى