تأسست منذ ثمانية أشهر، من يملك الشركة المستثمرة لمطار دمشق؟!
تداولت الصحف والمواقع الإعلامية مطلع الشهر الحالي خبراً يفيد بتعاقد المؤسسة العامة للطيران مع شركة خاصة للاستثمار في مطار دمشق الدولي، بناءً على خبر نقلته صحيفة “البعث” الرسمية عن مصادر في وزارة النقل، فيما لم يتم الإفصاح حينها عن اسم الشركة واكتفت بالافصاح عن حصتها السهمية في الشراكة والتي تبلغ 49% من الاستثمار.
وبحسب ما أوردته “البعث” حينها؛ فإن الشركة المستثمرة منحت صلاحيات واسعة تمكنها من تنفيذ جميع الأعمال والخدمات المتعلقة بالنقل الجوي للركاب والبضائع، كما تمكنها من امتلاك وشراء وإيجار واستثمار طائرات، والعديد من الصلاحيات الأخرى التي تتحكم في قطاع النقل الجوي في المطار، فيما تخرج أرض المطار من معادلة الاستثمار “باعتبارها تمثل سيادة الدولة” وفق مصادر الصحيفة.
من هي الشركة التي حصلت على الاستثمار؟ ومن هم مؤسسوها؟ وماهو رأسمالها؟
في خبر لاحق وفي معرض حديث صحيفة “البعث” عن توضيح صلاحيات الشركة الجديدة أشارت إلى أن اسمها شركة”ايلوما للاستثمار المساهمة المغفلة الخاصة”، ولكن من هم مؤسسو هذه الشركة؟ كم عمرها التأسيسي؟
تأسست شركة “إيلوما” بشراكة بين “علي محمد ديب، 34 عام” و “راميا حمدان ديب، 42 عام” و “رزان نزار حميرة، 32 عام”، بنسبة الثلث لكل منهم وبزيادة واحد بالمئة لـ”راميا” الأمر الذي يخولها إدارة الشركة، و أشهرت الشركة في 24 تشرين الثاني 2022، برأسمال معلن قدره 100 مليون ليرة سورية، لغاية إدارة واستثمار المنشآت السياحية وخدمات المطارات، ودخول المناقصات والمزايدات مع القطاع العام، وشراء الأسهم والحصص في جميع أنواع الشركات، والمشاركة أو المساهمة في تأسيسها أو الاشتراك في إداراتها،عدا بناء المساكن وبيعها والاتجار بها.
وفي البحث عن تفاصيل حول مالكي الشركة، وبحسب مصادر (يتحفظ الراصد عن ذكرها لأسباب تتعلق بالأمن الشخصي لها) أن علي وراميا ديب ينحدران من محافظة اللاذقية وهما من أقارب اللواء “ناصر ديب” أحد مؤسسي شركة “سند للحماية الأمنية” وشركات أخرى والذي يشغل منصب نائب وزير الداخلية، فيما يبرز اسم راميا ورزان كشركاء في شركة “انفينتي” و7 شركات أخرى مع “علي نجيب إبراهيم” الواجهة الاقتصادية لـ “يسار إبراهيم”، والمسجل رسمياُ كمالك لنصف أسهم شركة الإتصالات الجديدة “وفا تيليكوم”.
وتصف المصادر أن “يسار إبراهيم” بأنه يشكل واجهة تحالف القصر مع شركات إيرانية تحاول الاستحواذ على كل المفاصل الحيوية في سوريا، في حين يحوز “ابراهيم” على صفة مساعد الرئيس السوري وهو من مواليد “1982” .
وبحسب تقرير سابق أجرته (مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد) و”مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية” فإن هنالك ارتباط وثيق بين “يسار ابراهيم” والحرس الثوري الإيراني تجلى بعدة شراكات اقتصادية، كشركة “أرابيان بزنيس كومباني” التي أسسها الأخير في السوق الحرة والتي تملك 52% من أسهمها شركة “تيومان غولدن تايغر” الماليزية والتي تعود ملكيتها الحقيقية لضابط إيراني في الحرس الثوري.
وبالعودة إلى تاريخ تأسيس شركة “إيلوما” التي استحوذت على استثمار “مطار دمشق”، يشير الخبير الاقتصادي “كرم الشعار” حسب تقرير “الغارديان” البريطانية إلى أن عقد الاستثمار لايقتصر على مطار دمشق وإنما يشمل المطارات السورية كافة كونه أبرم مع “مؤسسة الطيران” وليس مع إدارة مطار دمشق، معتبراً أن ذلك يشكل خطورة ابتلاع للقطاع العام من قبل أصحاب الشركة الحقيقيين.
ويشير “الشعار” إلى أن تأسيس هذه الشركة لايمكن أن يكون مصادفة خصوصاً أنه جاء بعد قرار فتح الاستثمار للشركات الخاصة في قطاع الطيران.
فيما يشير أحد الطيارين المدنيبن (الذي تحفظ على ذكر اسمه خوفاً من الملاحقة الأمنية) في اتصال مع الراصد؛ إن المفارقة في الموضوع تكمن في كون أن لا رأسمال الشركة المقدر بـ100 مليون ولا حتى المبلغ المرصود للاستثمار خلال 20 عاما والبالغ 300 مليون دولار مجتمعة كافية لشراء طائرة واحدة (حسب وصفه)، كما يشير إلى أن إيرادات “المؤسسة العامة للطيران كانت العام الفائت وصلت 100 مليون دولار وهي في أسوأ سنوات العمل، متسائلا ما هي دواعي الاستثمار الخاص إذا لم يكن هنالك مبلغ استثمار يزيد عن الإيرادات السنوية لمدة الاستثمار؟ منوها إلى أن هنالك مايثير الريبة حقاً في الموضوع؟ فكيف إذا كانت هكذا استثمارات لمرافق اقتصادية هامة بيد شركات محدثة وليس لها باع طويل في سنوات العمل؟ أليس ذلك تهديد للأمن القومي؟ أو ليس ذلك بحاجة لدراسات أمنية أم أن تلك الدراسات لاتطبق إلا في حالات بيع الأملاك بين مواطنين من الجنسية السورية لأملاك خاصة وبصفات حقيقية؟!
تظهر في سوريا بشكل متكرر ومتقارب منذ العام 2018 شركات جديدة في حين تكون أسماء مؤسسيها مغمورة، فجأة نسمع بأن هذه الشركات سيطرت أو أسهمت في شراكات مع القطاع العام في أحد المفاصل الحيوية للبلاد، الأمر الذي يثير الريبة في ماهية تلك الشركات ومؤسسيها ومن يقف خلفها، ومن الواضح أن مستوى نفوذ هذه الشركات يؤكد أنها ليست لأشخاص بعيدين عن حلقة الحكم الأولى.
و يعيدنا ذلك إلى تصريحات أدلى بها وزير الاقتصاد “محمد سامر خليل” في الثاني عشر من تشرين الأول 2021، والتي جاهر خلالها بأن الالتفاف على العقوبات أصبح “حرفة سورية”، وإنه لا ضير بأن تقوم الشركات باستخدام أسماء وهمية لدخول السوق السورية تجنبا للعقوبات، وبناء على تصريح الوزير بات من مالاشك فيه أن هذه الأسماء ليست المالك الحقيقي فمن هو المالك الحقيقي ياترى؟!.