: “من يغيث المظلوم “مثال من الواقع”!!
“الله يعين إلي ما إلو حدا بهالبلد” جملة يتداولها أبناء سورية بكثرة، وتدل على أن الفقراء والذين لا يمتلكون من يسندهم هم عرضة للتهمة والظلم دون غيرهم، ويعود السبب الأول لاستخدامها إلى غياب القانون أو عدم فعاليته، فلو كان القانون فاعلاً لما كان احتاج الإنسان سنداً يرفع الظلم عنه، فالقانون هو كفيل بهذا..
وتظهر بين الحين والآخر حكايات من هنا وهناك تثبت هذه الرواية، ففي حين يمكن إطلاق سراح قائد مجموعة مسلحة مصنفة قانونياً عصابة أشرار بعد توقيفه بساعات عقب تدخل “واسطة” وباتصال هاتفي واحد، أو إطلاق سراح متعاطي ومروج مخدرات بعد توقيفه بيومين بسبب تدخل قريبه الغني “عضو مجلس المحافظة”، نجد أن آخرين يدخلون السجن مظلومين ولايجدون من يعمل على مساعدتهم، فلا هم أغنياء ليدفعوا مالاً، ولا هم أقارب “وجهاء” ليربحوا سنداً، ولا هم أفراد عصابات لتستنفر لأجلهم البنادق..
هؤلاء هم من ينطبق عليهم قول “الله يعين إلي ما إلو حدا”.
وفي هذا المقال لدينا مثال حي في محافظة السويداء عن رجل فقير (بحاله)، فمنذ نحو شهر، قامت جهة أمنية “يرجح أنها المخابرات الجوية” بإلقاء القبض على المواطن “حسام حامد ركاب” بعد اكتشاف تهريب للمخد.رات بشاحنة تتبع للشركة التي يعمل بها “ركاب”.الطريف إن “ركاب” لم يكن يقود الشاحنة، ولا هو صاحب الشركة، بل هو مجرد سائق في الشركة، وذهب برفقة صاحب الشركة الذي طلب منه مرافقته عندما تم استدعاؤه، فألقوا القبض عليه بصحبة صاحب الشركة.
إضافة لذلك ليس ل”ركاب” علاقة وطيدة بالشركة فهو موظف جديد تم تعينه سائقاً قبل عشرين يوماً فقط من احتجازه، ومع ذلك لم يخرج الرجل للآن، ولم تتم إحالته للقضاء، ومازال يقبع بأقبية المخابرات دون أن يجد من يسأل عنه. ومازاد الفاجعة أن ولده الوحيد قد تعرض لحروق شديدة إثر عمله في فوج إطفاء جرمانا بعد يوم واحد من توقيف والده، لتبقى الأم وحيدة بين هم الابن المصاب والزوج المحتجز.
وبالرغم من انتشار خبر الحادثة فإن الوجهاء والفصائل والمشايخ لم يحاولوا التحرك بشأن “ركاب” في حين يقول كثر إن عائلته هم الأولى بالطلب من الوجهاء التدخل. ولكن أليس الحري بالوجيه والقائد والشيخ أن يتابع هو مشاكل الناس حتى لو سهوا عن طلب مساعدته، وهل يجب أن ينتظر القادر على إغاثة المظلوم من يدعوه لرد الظلم حتى يفعل؟! ثم ماذا لو كان الموقوف من أقارب هؤلاء الوجهاء أو قادة الفصائل، هل كانوا سيقولوا لا نستطيع؟!
لربما وهذا ما عرفناه، أن البعض حاول السؤال فعلاً، ولكن كما أن يد واحدة لاتستطيع التصفيق، فإن القضايا هذه لا يجب أن يحمل عبئها فرد أو مجموعة بعينها، بل لابد أن تصبح مسؤولية إجتماعية.في “دولة” غاب فيها القانون، وتسلطت كل السيوف على رقاب الفقراء، وأصبح من “لا ظهر له” كبش فداء لكل من حوله، بات يحق للغني وقائد الفصيل وابن العشيرة الكبيرة وعميل المخابرات أن يفعل ما يشاء، وأن يمارس كل الانتهاكات، في حين صار “ابن البيت” والفقير والمسالم هدفاً سهلاً للجميع، ليظهر بشكل واضح أن الوجيه والفصيل والشيخ “معظمهم” لا يحمون المواطن بل يحمون مصالحهم، ولو كان لهم مصلحة في حماية أحدهم لهبوا دون انتظار، ولكن أي مصلحة لهؤلاء مع “من لا ظهر لهم”؟!
من هنا يبقى السؤال جاثماً في الحنجرة: من ينقذ المظلوم في بلد اعتاد أفراده أن ينال الظلم منهم؟! ويبقى الأمل في الصوت الذي عندما يسمع حكايا المظلومين يبحث عنهم ويغيثهم وهو يقول “أبشروا”
الرسم للفنان فادي الحلبي