اخبار

كيف تعيق العقوبات وصول المساعدات؟ وهل تعيق فعلا؟!!

سأقدم هذه المادة على أنها مادة رأي، ولكن خلافا لمواد الرأي العادية، فإنني سأقدم معلومات وحقائق لتعزيز الرأي الذي هو بالنسبة لي يقين..

وسأبدأ من تصريح صادر منذ أيام عن المتحدث الإقليمي بإسم الخارجية الأمريكية “سامويل وربيرغ” الذي اعتبر أنه ليس هناك أي شيء على الإطلاق في قانون قيصر والعقوبات الأمريكية يمنع المساعدات الإنسانية والطارئة والأدوية عن الشعب السوري، لافتاً أن الولايات المتحدة لا تمنع ولن تمنع أي بلد من تقديم المساعدة الإنسانية للشعب السوري..

وسأنتقل لأسأل، هل فعلاً لاتصل مساعدات إلى سوريا؟؟!

لنجاول علينا أن نعرف ما يلي:يقدم كل من الأمانة السورية للتنمية، والهلال الأحمر العربي السوري و دائره العلاقات المسكونية والتنمية التابعة لبطريركية الروم الأرثوذكس، والعديد من المنظمات الأخرى منذ نحو عشرة سنوات خدمات للمجتمع السوري، وتدفع المال..

هل هذا المال من ميزانية الحكومة؟! بطبيعة الحال لا، إنه مساعدات أممية لم تمنعها العقوبات، ولم تضع لها إطارا حتى.

طيب سيقول قائل انها مساعدات أممية، وليست من دول، ونحن نرد، هل الأمم المتحدة تحصل على المال من استثماراتها في العالم؟!

بكل تأكيد لا، بل من الدول بشكل مباشر، وبالتالي هل امتنعت الدول عن منح هذه المنظمات المال لأنها ترسل مساعدات إلى سوريا، بكل تأكيد لا، بل أن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها مولت مشروعاً لمكافحة الأزمات المالية في الغوطة الشرقية بتكلفة تجاوزت مليون ونصف دولار العام المنصرم…

وبعد هذا أين العقوبات؟!

العقوبات هي على شخصيات وكيانات سورية ولاتستهدف المساعدات، ولكن لماذا كانت تؤثر العقوبات على الوضع الاقتصادي؟!؟

على الرغم من أن الرئيس السوري نفسه حمل مسؤولية تردي الواقع الاقتصادي لتهريب الأموال خارج سوريا “قال أنه لايعرف الرقم بالضبط” إلا أن هناك تأثير فعلا للعقوبات متعلق بحركة الأموال، فالعقوبات على أشخاص، تقيد حركتهم المالية، وبالتالي حيتان الاقتصاد السوري لم يعودوا قادرين على تحريك أموالهم بالخارج، ماعرقل عمليات البيع والشراء، سيما أنهم محتكرون لكل شيء.
ولكن في حالتنا اليوم لايوجد بيع وشراء، هي مساعدات فحسب، لا يعرقلها شيء، لاتحتاج لهؤلاء الأشخاص ولا لأموالهم…

هناك عراقيل أخرى؟!

نعم.. تلك المرتبطة بالمجال الجوي السوري وحركة الطيران، ولكن لبنان فتح مطاره، والإمارات والجزائر ومصر وعمان وروسيا وإيران….الخ لم يكترثوا، حتى ألمانيا دفعت مساعدات الآن بمبالغ مالية ضخمة عن طريق الهلال الأحمر…

اذاً أين المشكلة، هل اذا تم رفع العقوبات سنشاهد طيارات هولندية وكندية مثلا ترسل مساعدات، بكل تأكيد لا، من يريد ارسال المساعدات حتى لو تم رفع العقوبات هم من أرسلوها، ولكن لماذا هذا العالم لايريد مساعدتنا؟!

من منكم سمع تصريح وزير الخارجية السورية “فيصل المقداد” الذي قال إن حكومته لاتمانع من إيصال المساعدات إلى إدلب ولكن يجب أن تضمن أن هذه المساعدات لاتذهب ل “الإرهابيين”؟!
هذا المنطق ذاته تتعامل معه دول العالم مع الحكومة السورية، هم كذلك يقولون “لامانع لدينا من ارسال المساعدات شرط أن لاتسرقها الحكومة”، تتعامل الحكومة مع الشعب السوري في إدلب بطريقة الحصار التي تتعامل فيها دول العالم مع الحكومة السورية، فلماذا تستغرب الحكومة؟!

“اذا كنت انت مع شعبك هيك، بدك ياني معك غير هيك؟!” أنه المنطق البسيط الذي سيتم الرد على السوريين فيه..

طيب ماقصة المناطق المنكوبة، وإعلان الكارثة؟!

يعني اعلان الكارثة في القانون الدولي، عجز الدولة عن القيام بمهامها، وفتح الحدود لاستقبال المساعدات..

فلماذا لا تفعل سوريا هذا، سيما أن تركيا القوية فعلته؟!

في الكارثة تصبح الدولة “غير موجودة” بمعنى لا حاجة للمرور عبر القنوات الدبلوماسية قبل إرسال المساعدات، وهذا ما تجده السلطة الحاكمة تفريط باقوى أوراقها..

فإن تم اعلان الكارثة ستدخل المساعدات بسرعة ولكن دون تواصل مع الحكومة ولا الاعتراف بشرعيتها وشرعية رئيسها، ولكنهم يحتاجون هذه الشرعية، ويعتبرون هذا الزلزال فرصتهم، لذلك ظهرت فكرة ابتزاز العالم، اعترفوا بنا، لنقبل مساعداتكم، ولن نعلن الكارثة..

الخلاصة: لا شيء يمنع من تقديم المساعدات، إلا عدم ثقة المجتمع الدولي بحكام بلادنا، وعدم رغبتهم بتطبيع العلاقة معهم، ولا دخل للعقوبات في هذه الجزئية تحديداً..

“بالمناسبة في فترة حصار دوما، أيضا كان رأي السلطة الحاكمة أن إدخال مساعدات إلى دوما يعني اعتراف بقوى الأمر الواقع هناك، لذلك استمر الحصار وتم تجويع الناس وهذا يعني أن “النظام” اعتاد على اعتبار فكرة المساعدات الإنسانية لعبة سياسية بامتياز، وكالعادة لا بأس من إطالة أمد الصراعات ومعاناة الناس، اذا كان هناك بعض المكاسب”

يقول الناشط “مهند ابو الحسن”: (لفهم التفاعل بين النظام والعقوبات نستطيع استخدام معمل السكر في حمص كمثال. يعاني السوريون في مناطق النظام من ارتفاع سعر السكر وفقدانه من السوق في احيان غير قليلة. النظام يتذرع بالعقوبات، لكن معمل السكر ليس معاقبا، بل كان مالكه طريف الاخرس معاقبا، وحين قرر النظام تغيير المالك لم يختر رجل اعمال غير معاقب ليحرر المعمل، بل عهد بالمعمل الى سامر فوز المعاقب اصلا. الامر ذاته ينطبق على شركة BS لتوزيع المشتقات النفطية التي يملكها قاطرجي. هذه فقط امثلة على مواد اساسية لمعيشة الانسان يرقض النظام تحريرها من قبضة رجال الميليشيات وامراء حربه.
موالو الاسد وبعض عتاة شبيحته يؤيدون في سرهم العقوبات على كل من ورد اسمه اعلاه، موالو الاسد وشبيحته من اشد المتضررين من هؤلاء الرجال الثلاثة. والزعبرة المنظمة القائمة حاليا ضد العقوبات هي محاولة لجعل المنظومة الدولية تطبع مع حقيقة ان النظام يأخذ شعبه رهينة يساوم عليها.)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى